أهم الأراء
شمس أخرى
وصلتنى هذه القصة الشاعرية من المهندسة داليا محمد/ المنيا. «كل ما تذكره عن لقائهما الأول أنها كانت على الأرجوحة فى حديقة منزلها الخلفية حين حجب ظله العملاق الشمس. نبت أمامها الغريب من العدم. احتوى كفها الصغير فى راحته الدافئة. لا تعرف كيف ترجلت من على أرجوحتها وذهبت معه! أخذ يقص عليها قصصا عن بلاد الشمس، وأساطير عن قصور السحاب، ومدن العجائب التى يمتطى ساكنوها الشهب! وراح كالساحر يشير إلى السماء فتظهر لها عشرات الشموس ومئات الأقمار. حتى النجوم التى كانت تطل عليها من أبعاد سحيقة اقتربت حتى أوشكت أن تلمسها!! هل سافرت مع الغريب إلى كوكب غير الأرض؟ أم هى فى مجرة نائية؟ لا تعرف ولا تريد أن تعرف. المهم أنها بصحبته. كانت تقضى معه الساعات الطوال، وحين تنظر فى ساعتها تجدها تشير إلى مضى بضع دقائق فحسب! والأغرب أنه جعلها تكبر بسرعة هائلة. نظرت إلى المرآة فطالعتها امرأة ناضجة. فى تلك الليلة اصطحبها الغريب إلى شاطئ البحر، مد ذراعه إلى السماء فاقتطف لها بضع نجمات، ثم ألبسها النجمات تاجا ملكيا.. اتسعت عيناها، سألته: (لماذا تفعل كل ذلك من أجلى؟). قال: (ألا تعرفين؟). هزت رأسها نفيا، إذ لم تعد تقوى على الكلام! احتواها كمحيط هائل، ثم قال بصوته الحنون شيئا لم تسمعه. حجبه عنها صوت الأمواج الهادرة. وتناثر الزَبَد على وجه الحسناء. ........ نامت وحينما استيقظت لم تجد الشمس. صرخت الحسناء. هرعت إلى الغريب تدفن رأسها فى صدره وتبكى بحرقة. هو أيضا اختفت الشمس من أوصاله، وصار باردا كالقطب الشمالى. نظرت فى عينيه تستنطقه. لكنه أشاح فى لا مبالاة.. غرق فى صمته. وغرقت فى حزنها.. ونظرت إلى المرآة فهالها ما رأت. وكأنها تنظر إلى امرأة أخرى على أعتاب الخمسين!! ابتلعت مرارة دمعها، وأغمضت عينيها على كل ما أورثه لها الغريب من خذلان، وتمنت لو تنسى كل الدروس المؤلمة، وتمنت لو تخلع ثوب أنوثتها وتعود إلى الطفلة الخالية، لو تعود إلى أرجوحتها القديمة. أغمضت عينيها وتشبثت بالحلم. وشرعت تنسج حبال الأرجوحة. ثم راحت ترسم ملامح الطفلة التى كانت. بأفكارها الساذجة وضحكتها الرنانة. أغمضت عينيها ولحظتها فقط، هنالك فقط رأت الشمس تشرق من بعيد، من جهة الماضى المشرق. ابتسمت للشمس. فإذا بها تعود طفلة، وإذا بالشمس تنقلها، بدفئها المعهود وحنانها القديم، عبر قوس قزح إلى أرجوحتها القديمة!». [email protected]