بنوك وتامين
شركات التأمين تطلب الحماية ضد "مخاطر الدولار"
حالة من الترقب تسود قطاع التأمين، بعد الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، ما وضع شركات التأمين المباشر في ورطة أمام شركات الإعادة العالمية لعدم قدرة الكثير منها على الوفاء بالتزاماتها، ولم يتم حل الأزمة حتى بعد القرارات النقدية الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي.
وتواجه شركات التأمين موقف صعب، لعدم قدرتها على تدبير ما يلزمها من الدولار الأمريكي، لسداد حصص المعيدين، والتي تتجاوز حاجز الـ 70% من إجمالي الأخطار المكتتبة في السوق.
وأبدى مسئولي الشركات غضبهم، بعد تجاهل البنك المركزي لاحتياجاتهم من الدولار، وعدم وضع صناعة التأمين من ضمن المجالات الهامة التي تحتاج العملة الصعبة، على غرار قطاعات الغذاء والأدوية والبترول والطاقة.
وأكد القائمون على القطاع أن هناك صعوبة في مسألة اللجوء إلى السوق السوداء لتدبير احتياجاتهم من الدولار، وذلك لعدة أسباب أبرزها ارتفاع سعر الدولار بصورة كبيرة عن السعر المقرر في البنوك، ما يمثل خسارة كبيرة على الشركات، بالإضافة إلى قرار البنك المركزي الأخير بمنع إيداع العملة الأجنبية التي يتم شرائها من السوق السوداء في البنوك، حيث وضع البنك حدود لحجم الإيداع الشهري للأفراد والمؤسسات، بحد أقصى 50 ألف دولار في الشهر، والتي كانت موجودة قبل إصدار البنك المركزي قرار آخر بإلغاء سقف الإيداع للعملات الأجنبية وسقف السحب.
وأعلنت عدد من الشركات عن تقبل عدد من المعيدين للموقف، خصوصًا وأن هذه الأزمة لا تقتصر على شركات بعينها أو قطاع التأمين فقط، بل يواجه الاقتصاد المصري بالكامل هذه الأزمة.
وقال مصدر مسئول بالهيئة العامة للرقابة المالية إن هناك عدد من الشركات ابرمت اتفاقًا مع شركات الإعادة ينص على جدولة سداد الأقساط المتأخرة وفقًا لسعر الدولار السائد وقت الدفع، وليس وقت إبرام الصفقات.
وتابع في تصريحات خاصة لـ "البورصجية" أن الشركات وافقت على هذا الشرط على الرغم من أنه يكبدها الكثير من الخسائر، مرجعًا السبب وراء ذلك إلى تحصيل الشركات للأقساط من العملاء وفقًا لسعر الصرف وقت إصدار الوثيقة، على أن تتحمل الشركات فروق سعر الصرف، عند تحويل حصص شركات الإعادة للخارج.
وأضاف أن هناك نحو 6 شركات قد تواصلت مع الهيئة بعد عدم قدرتها على التوصل لاتفاقيات مع شركات إعادة التأمين في الخارج، وعدم قدرتها على سداد المستحقات في المواعيد المحددة لها.
وأكد أن بعض الشركات فشلت في حل الأزمة، ما دفع الهيئة للتدخل والتفاوض مع البنك المركزي، وبالفعل تم توفير احتياجاتها.
وأشار إلى أن الهيئة تواجه صعوبات كبيرة في التعامل والتنسيق مع البنك المركزي، حيث لا يأخذ البنك في اعتباره شركات التأمين، ويضعها في أواخر أولوياته بعد صناعات الغذاء والدواء والبترول والطاقة.
وأوضح المصدر أن الهيئة تواصلت مع شركات الإعادة في الخارج، وطالبتهم بعدم الضغط على شركات التأمين التي تعمل في السوق المصرية، ومراعاة أزمة العملة التي تواجهها مصر، ما أثر بالسلب على كافة القطاعات الاقتصادية وليس التأمين فقط.
وأشار إلى أن شركات الإعادة بدأت تلوح بإمكانية خفض طاقتها الاستيعابية للسوق المصرية خلال الفترة المقبلة، مع تهديد شركات أخرى بالانسحاب بصفة نهائية من مصر ومنع التعامل مع شركات التأمين التي تعمل بها، في حالة استمر الأوضاع الاقتصادية على هذا الحال، وعدم حل مشكلة سعر صرف العملة الأجنبية.
وأكد أن الحل الوحيد لتجنب هذه الأزمة هو عقد اتفاق مع الشركات عند تجديد الاتفاقيات بأن يكون التعامل بتجاوز الخسائر وليس بحصص الأقساط، وهو الأمر الذي يضمن زيادة نسبة الأقساط المحتفظ بها في السوق.
وأضاف أن هذا الاتفاق يحمي شركات التأمين من أزمات سعر صرف الدولار وشح السيولة الدولارية في سوق الصرافة، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تتطلب عمل الكثير من شركات التأمين وأبرز ما يجب عليها فعله هو الاكتتاب السليم للأخطار ووضع أسعار تلاءم الأخطار والابتعاد عن المنافسة السعرية والمضاربات التي تحدث في السوق، لأنها أًصبحت تهدد الشركات والملاءة المالية الخاصة بها، وتفقد حملة الوثائق لثقتهم في الشركات.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يواجهها في السوق أزمة كبيرة مع شركات إعادة التأمين، حيث كانت المرة الأولى في أعقاب ثورة 25 يناير، وإصرار الشركات على سداد تعويضات الثورة للعملاء، وهو الأمر الذي أثار غضب شركات إعادة التأمين بالخارج، ما وضع السوق في أزمة ومواجهة مباشرة مع المعيدين في الخارج.