بنوك وتامين
البنوك الخليجية تتنافس على رخصة "باركليز" في مصر
أعلنت مجموعة باركليز العالمية عن نيتها لبيع بنك باركليز مصر وبعض من وحدات الأعمال في الأسواق الأخرى بكلٍ من أفريقيا وأوروبا ، وذلك بهدف إعادة التركيز على مجموعة أعمال أكثر بساطة في قطاعات التجزئة والشركات والاستثمار كجزء من عمليات التحديث لاستراتيجية بنك باركليز بي.ال.سي.
وكشفت مصادر مصرفية عن دراسة البنك التجاري الدولي ، الاستحواذ على باركليز ، في حال كان العرض مناسبا.
وقال بنك باركليز إنه في الوقت الراهن سيتم إدراج بنك باركليز مصر وعدد من وحدات الأعمال الأخرى ضمن قطاع "باركليز للأعمال غير الاستراتيجية" (Barclays Non-Core business) وهو قطاع كان البنك قام بإنشائه في مايو 2014 للإشراف على الأعمال التي ينوي بيعها أو التخارج منها.
وأضاف البنك أنه كان من المقرر ضم بنك باركليز مصر إلى مجموعة باركليز أفريقيا المحدودة (Barclays Africa Group Limited) في حال اتفاق الطرفين على البنود التجارية ولكن لم تنجح تلك المفاوضات وتم الإعلان عن انتهاء المباحثات بنهاية العام الماضي 2015.
وانتهى بنك "باركليز بي.ال.سي" إلى أن مستثمراً آخر قد يكون أكثر قدرة على تنمية الأعمال البنكية في مصر ومن هنا جاء الإعلان عن نية المجموعة لبيع بنك باركليز مصر في الوقت المحدد لذلك.
وأكد بنك باركليز مصر، أن تركيزه سيظل منصباً على تقديم أعلى معايير الخدمات البنكية لخدمة عملائه.
وتوقع مصرفيون أن يفتح تخارج "باركليز" من مصر الباب أمام البنوك الخليجية للاستحواذ على رخصتها لتزداد حصة البنوك العربية والخليجية العاملة فى السوق المصرية والتى تبلغ حالياً 5 بنوك إماراتية و3 بنوك بحرينية، وبنكين لدولة الكويت، وبنكًا واحدًا لكل من قطر والسعودية والأردن، بالإضافة إلى بنوك مملوكة بحصص ملكية متساوية بين مصر والكويت هو البنك العربى الأفريقى الدولى، وبنكًا آخر مملوك بين مصر وليبيا هو المصرف العربى الدولى، بالإضافة إلى بنكين لبنانيين هما "عودة" و"بلوم".
وفي هذا السياق أكدت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الامارات دبى الوطنى - مصر أن تخارج باركليز من مصر لم يأت منفرداً بل ضمن خطة لتخارج المجموعة الأم من عدة أسواق عالمية وبدأوا بالأسواق الأكثر جذباً للمستثمرين وهو السوق المصرى ، رافضة الحديث عن التخارج من مصر باعتباره كارثة على الاقتصاد ومؤشر على تراجع جاذبية السوق المحلى للاستثمارات الأجنبية ، موضحة أن البنوك الأجنبية وتحديداً الفرنسية تنتهج خطة للتخارج من الأسواق العالمية يليها بعض البنوك الإنجليزية ، حيث أعلنت مجموعة سيتى بنك عن تخارجها بالكامل من تركيا والبرازيل.
وتوقعت الدماطى أن تتقدم بنوك خليجية وتحديداً كويتية للاستحواذ على رخصة باركليز مصر باعتبارهم الأقرب للاستحواذ على الصفقة بفضل توافر رؤوس الأموال المناسبة والعلاقات التجارية والاقتصادية المشتركة بين مصر ودول الخليج.
وأكد أحمد آدم الخبير المصرفى أن البنوك الخليجية لديها سيولة كبيرة تؤهلها بقوة للتوسع فى جميع الأسواق التى ترغب فى الدخول إليها والإستفادة منها ، وخاصة أن السوق المصرى واعد ، فضلاً عن أهمية تواجد البنوك الخليجية فى مصر برفقة مشروعاتها الاستثمارية الكبرى المعلن عنها، لذا فهى تسعى دائماً لزيادة حصتها من البنوك فى مصر.
ولفت آدم إلى أنه لا يمكن انكار دور البنوك الخليجية فى تطوير قطاع التجزئة المصرفية فى مصر حيث شهد القطاع نمواً كبيراً منذ عام 2005 مع توسعها فى السوق المصرى ،مضيفاً أن تجربة استحواذ مصرف أبو ظبى الاسلامى على البنك الوطنى للتنمية الذى كان لديه عجز مخصصات يقدر بنحو 4 مليار جنيه أكبر دليل على أن البنوك الخليجية عند دخولها تسعى لترتيب الأوضاع وحل المشكلات واعادة هيكلة تلك البنوك الخاسرة لتحولها إلى بنوك تحقق معدلات أرباح مرتفعة.
على الجانب الآخر ، استغل البعض قرار تخارج بنك باركليز ليربط بينه وبين الأحداث السياسية في مصر، وتم ربط التخارج بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر، وأزمة الدولار المستمرة منذ فترة، إلا أن هذه مجرد تكهنات دون صحة، لأن عام 2014 شهد موافقة باركليز على بيع نشاط التجزئة المصرفية التابع له في الإمارات لبنك أبوظبي الاسلامي، كما أن هذه الفترة ليست الوحيدة التي تشهد مثل هذا الحدث، لأن مصر شهدت عام 2013 خروج بنكين فرنسيين بسبب رغبتهما في تعزيز مراكزهما المالية في أسواقهما الرئيسية، منهم بنك "بي إن بي باريبا" الذي استحوذ عليه بنك الإمارات دبي الوطني حينها، وكان البنك الثاني "سوسيتيه جنرال" الذي باع وحدته في مصر إلى بنك قطر الوطني وأثار جدلا حينها بسبب العلاقات غير المستقرة بين مصر وقطر خلال تلك الفترة.
ويأتي إعلان بنك باركليز يثبت عكس هذه الإدعاءات، حيث قال البنك إن تخارجه عن مصر وإفريقيا، جاء وفقا لاستراتيجية البنك خلال الفترة المقبلة ، وكشفت تصريحات الرئيس التنفيذي لباركليز، جيس ستالي، لوكالات الأنباء العالمية حول رؤية البنك المستقبلية، عن تطلعه لبيع حصته في مجموعة باركليز افريكا في جوهانسبرج، بالإضافة إلى التخارج من أصوله في كل من مصر وزيمبابوي ، ويأتي التخارج في ظل إعلانه عن انخفاض أرباحه هذا العام بنسبة 8%، بالإضافة لتخفيض توزيعات أرباح المساهمين،.
وذكر موقع باركليز الرسمي أن أول تواجد له في مصر كان في عام 1864، لكنه خرج بعد سنوات، وعاد البنك للدخول مجددا منذ 30 عاما ككيان مشترك مع بنك القاهرة. وفي مارس 2004 استحوذ باركليز على 100% من ملكية البنك، وأن هناك 56 فرعا في مصر، ونحو 60% من فروع البنك تتركز في محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة، كما تقدر وحدة باركليز في مصر بأكثر من 500 مليون دولار، بحسب تقارير مصرفية، وتعد مؤسسة باركليز رقم 18 من أكبر المؤسسات على مستوى العالم، وثالث أكبر بنك في المملكة المتحدة.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد باغة، أستاذ الإدارة والتنمية، إن خروج بنك باركليز من مصر، شأنه شأن أي مؤسسة أخرى جربت أن تستثمر لكنها فشلت.
وأوضح في تصريحات خاصة أن هناك أسباب متعددة لخروجها من السوق المصري، ولا يمكن حصر الأمر في أزمة الدولار، مشيرا إلى أن عبء تكاليف البنك وثقافة المكان يعتبرا من ضمن الأسباب، بالإضافة للحزم المصرفية المقدمة، وشدد على أن تصفية مؤسسة نشاطها في دولة ما يعتبر أمرا عادي.
واضاف أن الخروج يكون نتيجة للنشاط ونتائج أعمال البنك، حيث قد تكون تكاليف النشاط أعلى من أرباحه، مشيرا إلى أن النظام المصرفي في مصر من الممكن أن يكون جزء من المشكلة، قائلا أن السياسات النقدية الخاطئة يمكن أن تكون ممر لتمرير الاقتصاد العشوائي الذي يدخل ضمنه السوق السوداء.
وشدد على أن هناك فشل واضح بين وزراء المجموعة الاقتصادية وسلطة النقد وبعض من وصفهم بـ"السنيدة" في البرلمان منهم اقتصاديون معينين بكل أسف ويتحدثون بمعزل عن الواقع.
ورأى النائب البرلماني خالد أبو طالب، أن تخارج "باركليز" من مصر يعود لأن البنك بصفة عامة مؤسسة مالية تؤدي استثمارات داخل مصر، ولو خرج فهذا يعني بشكل بديهي وجود عواقب وعراقيل لم تجعله يستمر في الدولة. وطالب النائب البرلماني بخلق بدائل للدولة في حالة حدوث تخارج أخر لأي بنك.