أهم الأراء
عداء الجيش والشرطة
صار كل من يتناول وضع الجيش بالدستور ويرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين ويتحدث عن ضرورة ضبط العلاقات المدنية العسكرية ضمن التحول الديموقراطى حفاظاً على الجيش، معادياً لجيش بلده وخائناً وعميلاً وطابوراً خامساً، إلى آخر هذه التفاهات الساقطة، أما من يتحدث عن ضرورة احترام الشرطة لحقوق الإنسان ويرفض استمرار التعذيب والانتهاكات فهو كاره للشرطة ويريد إسقاطها ويعانى من عقد الكراهية لها ويعمل لصالح جهات معادية للدولة وهو من الخونة والمموَّلين من الخارج وهدفهم تفكيك الدولة. هذه الخلطة المركبة بخطابها المتهافت تمثل أحد القوالب المعبأة للاتهامات والتخوين المتفشى ويقوده بعض الإعلاميين المرتبطين بجهات أمنية، وبعض مدعى الثورية من الوافدين الجدد للمشهد، وكذلك بعض أذيال نظام مبارك وبعض السطحيين، الذين تم التغرير بهم بخطاب الوطنية الفاشية وتضخيم مخاوف تلغى العقل ليرددوا بلا وعى خطاب صناع الفاشية ومخلفات دولة مبارك الإعلامية. الجيش والشرطة مؤسستان وطنيتان ملك لكل مصرى، وحمايتهما من التسييس ومن التفكك واجب كل مواطن ينتمى لهذا البلد، ليس هناك عداء بين الثوار وبين هذه المؤسسات، ويجب دوماً التفريق بين نقد أداء القائمين على المؤسسات المتداخلين مع العمل السياسى، وكذلك نقد بعض الممارسات السلبية التى لا يعنى نقدها بالضرورة كراهية المؤسسة، كما يدعى المزايدون وحزب التطبيل والتبرير. يريد منا هؤلاء لكى نثبت وطنيتنا أن نصمت وأن ننافق وأن نتلون مثلهم، يريدون أن يصبح كل المصريين مثل العسكرى «أحمد سبع الليل» فى فيلم البرىء، حين قالوا له إن كل من ينتقدون السلطة ويعارضونها هم أعداء الوطن. أعداء الشرطة هم الذين يصرون على إسباغ التطهر الكامل والوهمى عليها، حتى لا تطور أداءها ولا تراجع أخطاءها، أعداء الشرطة من لا يدركون أن ضباط الشرطة وأفرادها يحتاجون لإصلاح منظومة أجورهم، حتى يستطيعوا العيش بكرامة دون أن تمتد يد أحدهم للمواطنين بطلب رشوة أو إتاوة، هم من يتجاهلون حاجة الشرطة إلى تدريب وتأهيل وتحديث وإمكانيات تساعدهم على القيام بمهامهم، هم من يقولون لا حاجة إلى تطوير، بل لنعُد إلى المنظومة القديمة القائمة على القمع والتعذيب وصناعة الخوف والتى كانت سبباً فى سقوط الشرطة مع نظام مبارك، أما من يخافون على الشرطة- لأنها فى النهاية مؤسسة وطنية واجبها حماية الناس وتطبيق القانون- فهم من ينادون بإعادة هيكلة الداخلية طبقاً لأحدث أساليب الإدارة والمهنية على أساس حقوق الإنسان، هم من يفضحون الانتهاكات حتى تتطهر الشرطة من العناصر التى تسىء إليها وتُبغِّض الناس فيها. من يحب جيش بلده يبعده عن السياسة ولا يقوم بصناعة ماكينة ترويج لإقحام المؤسسة العسكرية ورجالها فى وحل السياسة. إن سقوط الشرطة يعنى سقوط أمن المواطن، وتفكك الجيش أو ضعفه- لا قدر الله- يعنى تفكك الدولة، لذا على العقلاء فى كل مؤسسة أن يعرفوا من أعداؤهم ومن يزيِّنون لهم الإفك ومن يقودونهم إلى التهلكة. حفظ الله مصر من كل سوء.