أهم الأراء
من الريان إلى "المستريح" يا قلب لا تحزن
رغم صدمة البعض من حادثة النصب التي كان بطلها أحمد المستريح، إلا إنني لم أندهش كثيراً لهذا الخبر لأن المستريح وغيره من النصابين الأقل شهرة مازالوا يعيشون بيننا بداية من عصر السحرة الكبار مثل الريان والسعد أبطال مسلسل توظيف الأموال. لقد سحروا الناس بوعود براقة عن تحقيق عوائد إستثمار تفوق البنوك "الربوية" تصل إلى 30% سنويا مستغلين الدين ستاراً لمخطاطتهم الشيطانية. وبين مطرقة انخفاض عائد الاستثمار في البنوك و سندان المخاطرة بالاستثمار في البورصة لم يجد المواطن البسيط سبيل الا إعطاء "المستريح" تحويشة العمر ثم ينام قرير العين إلى أن إستيقظ على كابوس ضياع ملايين الجنيهات سرقها النصاب من الحالمين بالاستثمار "الحلال" الذي سيعينهم على تحقيق مطالبهم الحياتية في ظل عدم وجود منافذ أخرى غير البنوك و البورصة لتوظيف أموالهم.
التاريخ يعيد نفسه. تعود ظاهرة توظيف الأموال مرة أخرى إلى الساحة و كانت قد بدأت في الثمانينيات نتيجة انخفاض أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار الذهب، وركود السوق العقارية، فضلا عن ضعف أوجه الاستثمار. ومع انخفاض سعر الفائدة وارتفاع معدل التضخم تتآكل المدخرات بشكل مستمر.
من المسؤول عن هذه الكارثة المتكررة؟ لو طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص ستحصل على إجابات مختلفة.
يرى البعض أن المواطن الذي سلم أمواله الى النصاب هو المسؤول لأنه كان مدفوعا بالجشع و تجاهل كل ما حدث في الماضي من كوارث . لقد إختار بمحض ارادته و هو مغمض العينين تحت تأثير مخدر الوعود بأرباح خيالية ، أن يسلم أمواله الى النصاب دون أن يفكر قليلا عن ما هو النشاط الاقتصادي الذي يحققة المستريح يمكنه من دفع نسبة عائد تصل الى 30%؟ و هكذا، ينطبق المثل "وراء كل نصاب طماع".
و فريق أخر يرى أن الدولة هي المسؤولة لتقصيرها في الدور التوعوي مما أدى لظهور "الاقتصاد الخفي" و شركات توظيف الأموال. كان يجب على الدولة أن تشجع الاستثمار وتسهل تأسيس مشروعات يقبل عليها المواطنين بما يتناسب مع بيئتهم وثقافتهم.
اما الفريق الأخير فهو يلقي المسؤولية على البنوك متهماً اياها بالحفاظ على أسعار الفائدة على الودائع منخفضة باستمرار. فهم لا يهتمون بمصالح المودعين بقدر ما يهتمون بتحقيق أرباح ضخمة.
أما أنا فأرى أن المسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف. المواطن يجب أن لا يستسلم لوعود وهمية عن تحقيق أرباح عالية في حين أن أي مشروع تجاري لا يحقق أكثر من 20% أرباح أخذا في الاعتبار التكاليف و نسبة المخاطر. ألم يستوعب المواطن الدروس المستفادة من الثمانينات حتى الأن و قصص النصب الشهيرة؟
والدولة مسؤولة عن عدم توفير مشاريع مدروسة تناسب مستويات مختلفة من المواطنين. و بما أن مشروع قناة السويس إجتذب مليارات من السيولة بعائد مجزي، إذن فالدولة قادرة على تعبئة المواطنين للمساهمة في المشاريع العملاقة تبنى بأيدي المصريين و بأموالهم.
أما البنوك فهي مسؤولة أيضا عن عدم تقليل الهامش بين سعر الفائدة الدائنة على الودائع والفائدة المدينة المحصلة من القروض والتسهيلات الائتمانية. على الرغم من أن البنوك تدار على أساس الربحية، الا أنه لا ينبغي إغفال الجانب الاجتماعي في أعمال البنوك.
وأخيرا، متى وأين تتوقعون أن نسمع عن “مستريح" آخر؟