أهم الأراء
الربيع العربي أم الكابوس الاقتصادي؟
أكاد أن أجزم أن الربيع العربي قد تحول بعد مرور عدة سنوات إلى شتاء بارد قارص و أننا اصبحنا نستيقظ و كأننا نعيش كابوس مفزع. ادعوك لكي تنظر إلى الأحوال الاقتصادية لدول الربيع العربي و تتأمل المشهد الدرامي القاسي لفئات مختلفة من المجتمع. هل حققت الثورات أهدافها؟ هل تحققت العدالة الاجتماعية بالمستوى المنشود؟ هل تحسنت المؤشرات الاقتصادية و أصبحت أفضل مما كانت عليه قبل الثورة؟ إن كنت لا تحسن المراوغة و تجميل الوقع فالاجابة على تلك الأسئلة تكون بالنفي المشدد.
على سبيل المثال، مازال معدل البطالة مرتفع و يدور حول 12.9% في مصر بينما وصل في تونس إلى أكثر من 15 % . و كذلك تدنى الإنتاج و الاستثمار و انخفض معدل النمو الاقتصادي الى مستويات اكثر من معدلات ما قبل الثورة.
على الرغم من أن الثورات قد أحدثت تغيرات سياسية في المنطقة العربية الا أنها لم تؤدي الى تغيرات اقتصادية. لقد تركت الثورات حتى الآن آثارا سلبية حيث أصيب النمو ببطئ يصل الى درجة الشلل الاقتصادي. كما تأثرت بشدة بعض القطاعات بسبب تراجع للاستهلاك و عدم الاستقرار الأمني و ارتفع مستوى الدين المحلى و الاجنبي و عجز الموازنة و التضخم .
تشير العديد من الدراسات و الأبحاث في الاقتصاد السياسي على ضرورة الاستقرار السياسي لكي يتم احداث نمو اقتصادي جيد حيث أن المبادئ الديمقراطية لها تأثير في تشكيل المؤسسات التي تحارب الفساد. لذا كان الواجب تحويل الشرعية الثورية إلى شرعية دستورية و البدء في بناء المؤسسات و منظمات المجتمع المدني على أساس ديمقراطي و ليس أخونة الدولة
لقد كانت تكلفة الثورة باهظة على الصعيد الاقتصادي، كما أن الاصلاح السياسى الذي يعزز التنمية الاقتصادية سوف يستغرق وقت طويل نظرا لتفشي الامية و الفقر و زيادة الانقسام و التحزب . و حتى يتم ترسيخ الديمقراطية و الاستقرار السياسي و بناء مؤسسات الدولة و انفاذ القانون لن تحقق الثورات أهدافها .