Alborsagia.com البورصجية نيوز

الأثنين 21 ديسمبر 2015
أخر خبر
مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدنى " الإيكاو " - رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتجديد لشحات الغتوري رئيسا لمصلحة الجمارك لمدة عام - 10 شركات ناشئة بمبادرة رواد النيل تشارك في الملتقى الـ 14 لصناعة الإبداع - مصر تفوز بمقعد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمنظمة الدولية للطيران المدني - الفريق محمد عباس : حريصون على تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للطيران المدنى - وزير الطيران يبحث مع رئيس المجلس الدولي للمطارات وأمين عام المفوضية الإفريقية للطيران سب - مصر للطيران تعلن أسعار تذاكر عمرة المولد النبوى الشريف لموسم 1444 هـ -2022م - وزير الطيران يلتقى وزير المواصلات القطري لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجال النقل - الداخلية تضبط 1534 قضية تموينية خلال 24 ساعة - وزير قطاع الأعمال العام يتفقد عددًا من الشركات التابعة بالإسكندرية - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تلتقي المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بالبنك الدولي - «الصقر»: فيريرا يوافق على ضم الصاعد يوسف حسن - حبس أشهر «ديلر» لترويج الحشيش بالتجمع الخامس - مدبولى عن تطوير محور 26 يوليو: نحرص على التخطيط لاستيعاب تزايد الحركة - الفريق أسامة ربيع يتابع حصاد الأحواض المستزرعة وحصاد 42 طن جمبري منذ بداية الشهر الجاري -

أهم الأراء

قاضي الولاية العامة

طباعة
اسم الكاتب : الدكتور \ عادل عامر

اشتعلت الحرب بين الهيئات القضائية بشأن المواد المتعلقة بها فى الدستور التي لم يتم حسمها بعد من قبل لجنة نظام الحكم، نتيجة إصرار كل من مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية على موقفهم بشأن المواد المتعلقة بهم، إلى جانب رفض قضاة القضاء العام وضع نص خاص بالمحاماة فى الدستور ومنح المحامين الحصانة القضائية، الأمر الذي دفع «نظام الحكم» إلى ترك الخلاف للتصويت داخل لجنة الخمسين.لهذا نود أن نوضح مجموعة من الأمور الهمة في ذلك الأمر.

إن الموظف العام المنوط به الاضطلاع بأعباء تلك الولايات العامة، لا يقل أهمية عن الوظيفة نفسها. بل إنّ أهميته تزداد كلما تنوعت حاجات المجتمع وتعقدت أساليب العمل وتداخلت الاختصاصات وتشابكت المصالح وازداد الطلب على الولايات العامة وعلى نواتجها من السلع والخدمات والامتيازات ولاسيما بعد أن تجاوزت الدولة في العصر الحديث وظيفتها المألوفة إلى مباشرة نشاط اقتصادية واجتماعية وعملية تتنامى يومًا بعد يوم بهدف تحقيق رفاهية المجتمع وإشباع حاجاته المتطورة والمتعاظمة كمًا وكيفًا.

ومن هنا تتضح شدة الارتباط بين الوظيفة والموظف العام وبين الدولة وبنشاط الأجهزة الإدارية النوعية، ثم إنّ مفهوم الوظيفة العامة يختلف باختلاف مفهوم الدولة وأهدافها، وطبيعتها، ولكن رغم ذلك فهنالك قدر من التماثل في موقع الوظيفة العامة، ومكانتها في بنية الكيان التنظيمي للدولة، وفي أهمية كفاية الوظيفة والموظف العام، وإنّ الخلاف ربما ينحصر في درجة أهمية كل عنصر من عناصر الولاية العامة. ومستوى الكفاية المهنية والأخلاقية، تبعًا لاختلاف فلسفة نظام الدولة ولا سيما الدولة الإسلامية المرتكزة على مبدأ "الشرعية والمشروعية" وبين الدول الأخرى التي لا تعوِّل على "الدين" بمفهومه الشامل في الإسلام، الذي يربط بين الدنيا والآخرة، وبين الأرض والسماء، وبين العقيدة والعبادة، ويعتبر كل فعل للإنسان وجهًا من وجوه "التعبد" متى قصد به وجه الله تعالى.

وعليه فيمكنه أن يتعبد من خلال إحسان أدائه لأعمال وظيفته، وتحقيقه الصالح العام وفق مقاصد الشرع وغاياته. على أنّ معيار التفرقة بين نظام وآخر في هذا السياق هو مدى استناد الوظيفة العامة على مبدأ "الصلاحية" والفاعلية القائمة على معيار موضوعي منضبط لشغل تلك الولايات بالكفايات المؤهلة، لأجل ذلك انصب اهتمام الباحثين في هذا المجال على هذا المعيار وكيفية تحقيقه في واقع الحياة، وجعل القاعدة العلمية القائلة: (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب) حقيقة ماثلة، وموجهًا لسياسة التوظيف.

وهي القاعدة التي طبقها نظام الإسلام منذ أول عهده على نحو غير مسبوق، بينما لم تتوصل النظم الوضعية إلى نظام "الجدارة" إلاّ بعد سلسلة ممتدة من تاريخ التجربة والخطأ، انتقالاً من نظام احتكار الوظائف إلى نظام "الغنائم" وحتى نظام الجدارة.

ونرجع إلي موضوع الصراع القضائي في لجنة الخمسين فنود أن نعود إلي نشأة النيابة الإدارية .

أولا: أنشئت النيابة الإدارية لأول مرة بالقانون رقم 480 لسنة 1954 بإنشاء النيابة الإدارية ولم تكن للمحاكم التأديبية وجود لا فى قانونها ولا فى قانون مجلس الدولة السارى فى ذلك الحين رقم 115 لسنة 1952 بإعادة تنظيم مجلس الدولة.

ثانيا: عندما نجحت فكرة إنشاء النيابة الإدارية فى توحيد جهات التحقيق فى جهة واحدة تتمتع بالاستقلال وحيدة ونزاهة أعضاءها رؤى إنشاء المحاكم التأديبية لتوحيد جهات محاكمة الموظفين بين مجالس التأديب فى محاكم يغلب عليها العنصر القضائي ويكون مايدر عنها أحكام وهنا كان للمشرع الاختيار بين إنشاءها فى قانون مجلس الدولة ولكنه اختار إنشاءها فى قانون النيابة الإدارية فصدر القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والغي قانون النيابة الإدارية رقم 480 لسنة 1954 وارد فى هذا القانون تنظيما شاملا للمحاكم التأديبية من حيث التشكيل والإجراءات وبعض القواعد الحاكمة للمحاكمة وتحديد للعقوبات التي تحكم بها المحكمة.

ثالثا: صدر قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة وقد انشأ لهم محكمة تأديبية وأخضعها لإحكام المحاكم التأديبية بقانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.

رابعا: فى ظل نصوص المحاكم التأديبية بمتن قانون النيابة الإدارية تضمن على أهم مادة وهى المادة رقم مادة 19والتى كانت تنص على (يصدر بتعيين عدد المحاكم التأديبية ومقرها ودوائر اختصاصها وتشكيلها قرار من رئيس مجلس الدولة بعد اخذ رأي مدير عام النيابة الإدارية, ويختار كل من رئيس ديوان المحاسبة ورئيس ديوان الموظفين كل سنتين عضو أصليا وآخر احتياطيا لكل محكمة أو أكثر فإذا غاب العضو الأصلي أو قام به مانع حل محله العضو الاحتياطي ويجوز دائما إعادة انتداب الأعضاء).

وهذه المادة تجعل مدير النيابة الإدارية (رئيس هيئة النيابة الإدارية حاليا) يشترك مع رئيس مجلس الدولة برأيه بشأن تلك المحاكم من عدة وجوه وهي تعيين عدد تلك المحاكم, وتعيين مقرات تلك المحاكم, وتحديد اختصاص دوائر تلك المحاكم, وتحديد تشكيلها القضائي من درجه وكيل مجلس دولة أو الوكلاء المساعدين وكذا مستشار أو مستشار مساعد بمجلس الدولة.

وطالما إن رئيس هيئة النيابة الإدارية يؤخذ رأيه فى كل هذه الشئون واهم شأن منهم هو اختيار قضاتها من مجلس الدولة مايؤكد تماثل وضع النيابة الإدارية مع موضع النيابة العامة فى تلك الحالة بالنسبة للنقل والتبادل بين النيابة والقضاء بدليل إضافة مادة أخرى بقانون النيابة الإدارية المذكور تجيز هذا التبادل بين النيابة والمجلس وباقي الهيئات القضائية بطبيعة الحال وقد أكد المشرع على ذلك فى المذكرة الإيضاحية لقانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية بأن القانون حقق المساواة بين أعضاء النيابة العامة ورجال القضاء والأعضاء الفنيين بإدارة قضايا الحكومة وأعضاء مجلس الدولة وأساتذة القانون بكليات الجامعات المصرية وأعضاء النيابة الإدارية بأن أجاز تبادل التعيين في هذه الوظائف بين أعضاء النيابة الإدارية وأعضاء هذه الجهات وذلك في الوظائف القضائية المماثلة.

خامسا: صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية وهى مجموعة مواد تنظم العمل بالنيابة الإدارية وقد تضمنت على بعض أحكام تنظيم العمل بالمحاكم التأديبية, هذا وللعلم ومما يثير التعجب والدهشة انه مازالت تلك اللائحة معمول بها بالمحاكم التأديبية ولم يصدر مجلس الدولة لائحة خاصة به بعد سحبه للمحاكم من قانون النيابة الإدارية.

سادسا: حدثت تعديلات متتالية لقانون مجلس الدولة منذ نشأته بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946 وكانت بالقوانين أرقام على الترتيب 9 لسنة 1949 ثم القانون رقم 6 لسنة 1952 ثم القانون رقم 115 لسنة 1952 ثم القانون رقم 165 لسنة 1955 ثم القانون رقم 55 لسنة 1959 ثم القانون رقم 140 لسنة 1959 ثم القانون رقم 37 لسنة 1968.

وخلال تلك التعديلات الكثيرة التي طرأت على قانون مجلس الدولة لم يشأ المشرع إضافة اختصاص المحاكم التأديبية ضمن اختصاص مجلس الدولة الاصلى والذي تقريبا لم يتغير وهو الاختصاص ببعض المنازعات الإدارية والفتوى إلى أن حل دستور 1971 وكلنا نعرف إن مجلس الدولة قبل هذا الدستور لم يكن ينص عليه فى الدساتير السابقة بل أكثر من ذلك لم ينص صارحتا قانونه أو أيا من تعديلاته حتى قانون 37 لسنة 1968 على انه كيان قضائي مستقل وقد حانت له الفرصة فى دستور 1971 لتحقيق عدة أهداف منها النص الصريح عليه بالدستور ثم التأكيد على انه هيئة قضائية مستقلة, والتأكيد على انه صاحب الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية وليس كما هو فى قوانينه اختصاصه بنوعيات معينه من المنازعات الإدارية.

ثم أضاف لنفسه فى الدستور اختصاص الفصل فى الدعوى التأديبية ليأتي بتعديل قانونه بعد ذلك بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لينص على المحاكم التأديبية لأول مرة بقانونه بعد مرور أكثر من 12 عام على أنشأها والغي باب المحاكم من قانون النيابة ليقطع صلة النيابة بالمحاكم إلا انه استبقى جزء من حكم المادة 19من قانون النيابة بشأن اخذ رأى رئيس هيئة النيابة الإدارية من قبل رئيس مجلس الدولة ليجعلها محصورة فى تحديد عدد المحاكم وتعيين مقارها ودوائر اختصاصها والتي تنشأ بالمحافظات ولم ينص على تحديد تشكيلها كما كان فى نص المادة 19 وذلك بالمادة 8 فقرة ثانية من قانون مجلس الدولة الأخير إذ جرى نصها.

يكون مقر المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا في القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دائرة أو أكثر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين ويكون مقار المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث في القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد على الأقل، وعضوية اثنين من النواب على الأقل ، ويصدر بالتشكيل قرار من رئيس المجلس, ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء محاكم تأديبية في المحافظات الأخرى القرار عددها ومقارها ودوائر اختصاصها بعد أخذ رأى مدير النيابة الإدارية.

وإذا شمل اختصاص المحكمة التأديبية أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد في عاصمة أي محافظة من المحافظات الداخلة في اختصاصها ، وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة) من الواضح بمقارنه تلك المادة فيما يخص اخذ رأى مدير النيابة الإدارية بالمادة المناظرة لها والتي كانت بقانون النيابة انه تم حذف كلمة وتشكيلها ) بعد كلمة ( دوائر اختصاصها) وقبل كلمة (رأى مدير النيابة الإدارية), وطبعا كلمة ( تشكيلها ) هذه هي التي كانت تيسر التبادل بين النيابة ومجلس الدولة بالنسبة لقضاء التأديب مثل المتبع بين النيابة العامة والقضاء العادي وفى إلغاءها جعل تنفيذ هذا التبادل أمر صعب إن لم يكن مستحيل لأنه متوقف على موافقة مجلس الدولة الذي حذف عبارة (تشكيلها ) سالفة البيان.

وبناء علية

أن النص المقترح من لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين قد اتسم بالغموض و اللبس والركاكة في الصياغة فهو ينص علي أن "القضاء التأديبي جهة قضائية مستقلة تتولي الفصل في الدعاوي التأديبية ، والنيابة الإدارية جزء منها تتولي التحقيق في المخالفات المالية و الإدارية وتحريك ومباشرة الدعاوي والطعون وفقاً للقانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى " هذا ما ورد نصا في النص المقترح ، وباستقراء هذا النص في ظاهره نلحظ أنه لم يقل لنا من هي تلك الجهة القضائية المستقلة التي تتولي الفصل في الدعاوي التأديبية ولم يسمها تحديداً ، وهذا عيب في فن الصياغة وهو أمر يجب أن يتنزه عنه واضعوه و من ناحية أخري فقد حدد هذا النص دور النيابة الإدارية بأنها تتولي تحريك و مباشرة الدعاوي التأديبية و الطعون الخاصة بها ومن ثم لم يحدد صراحة أن تسند إلي النيابة الإدارية ولاية الفصل في الدعاوي التأديبية وهذا الغموض في الصياغة بين الفقرتين السابقتين هي التي أثارت اللبس و لم يستطع واضع النص أن يعبر بعبارات جلية المعاني واضحة المقصد عن مكنونه في رغبته في سلب اختصاص القضاء التأديبي عن ولاية مجلس الدولة وإنما أورد نصا غامضا مشوها يعد مسخا في التكوين الدستوري.

لاريب أن الأسباب التي دعت النظم الدستورية التي تأخذ بنظام القضاء في التأديب بإسناد ولاية القضاء التأديبي لمجلس الدولة ليتولي سلطة المحاكمة استقلالا عن الهيئة التي باشرت التحقيق و وجهت الاتهام تكمن في تأمين الموظفين علي وظائفهم و بث روح الطمأنينة في نفوسهم فيكون لهم ضمانة الحيدة، والقول بغير ذلك يناقض حقيقة راسخة في الذهن القانوني هي أن العمل القضائي في سلطة المحاكمة التأديبية لا يجوز أن يثير ظلالاً قاتمة حول حيدته ، وهو يكون كذلك إذا جمعت هيئة النيابة الإدارية في قبضة يدها بين سلطتي التحقيق والاتهام والمحاكمة فلا يطمئن إليهم محاولون داخلتهم الريب فيه بعد أن صار نائياً عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية التي يجب أن تعهد فحسب لقضاء تأديبي مستقل في مجال المحاكمة تابع لمجلس الدولة ذاته بحسبانه قاضي الشريعة العامة في المنازعات الإدارية والدعاوي التأديبية كما أن حظر الجمع بين سلطتي الاتهام والمحاكمة يعد مفهوماً تقدمياً يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة، ، وفضلاً عن ذلك فإن الجمع بين سلطتي الاتهام والمحاكمة في يد واحدة يقضي علي صفاء نفس القاضي ويهدر ثقة العاملين في قضاء عادل ،والنيابة الإدارية ليسوا قضاة.

إرسل لصديق

تعليقات فيسبوك