عقارات
اللجوء إلى العقارات كمخزن القيمة بعد تراجع قيمة الجنية أمام الدولار
طفرة عقارية في أسهم شركات العقارات بسوق المال
شهدت الفترة القصيرة الماضية تراجعًا حادًا في قيمة الجنيه المصري وفق سياسات التعويم الجزئي التي يتبعها البنك المركزي المصري والتي أرجعها بعض الخبراء إلى محاولات الوصول للقيمة الحقيقية للعملة، وعلى الرغم من الترحيب بتلك الخطوة من قبل المستثمرين وبعض الخبراء إلا أن أخرون حذروا من هذا الإجراء والذي من شأنه أن يساهم في ارتفاع أسعار السلع وزيادة معدلات التضخم.
وبجانب التغيرات التي شهدتها تلك الفترة في أسعار العملات من انخفاض للجنيه وارتفاع للدولار محاولة لتقليص الفجوة بين السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازية والسعر الرسمي له في البنوك، شهد الذهب والذي يعد أحد مخازن القيمة، التي يلجأ إليه الكثير من المدخرون والبسطاء للحفاظ على قيم مدخراتهم من التآكل، تذبذبًا في أسعاره فبعد حالة الركود التي شهدها سوق الذهب، عاد من جديد ليحقق ارتفاعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية.
فبعد أن حقق الدولار تفوقه على الجنيه المصري صحب ذلك ارتفاع في أسعار الذهب حيث يؤكد خبراء ومختصون العلاقة الطردية بين الذهب وسعر الدولار.. كما ألقت تلك المتغيرات بظلالها على فرص الاستثمار العقاري خلال المرحلة القادمة.
فالعقار كما يعرفه المختصون والعاملون بقطاع العقارات هو مخزن جيد للقيمة إذ يحتفظ بقيمة العملة التي تضخ فيه ويشكل فرصة حقيقية للاستثمار والادخار، ففي ظل تراجع قيمة الجنيه وتآكله سيبحث كل مدخر ومستثمر صغير عن طريق لحفظ قيمة أمواله، الذهب والعقارات فرصة حقيقية للاحتفاظ بقيمة العملة المحلية واستثمارها إلا أن الذهب كثيرًا ما يشهد تذبذب في أسعاره ويخضع لارتباطه بالعملة الأجنبية والتي لا تعد بمنأى عن التذبذب وخطورة الانهيار هي الأخرى.. فهل يكون ويظل العقار ملجأ وملاذًا للحفاظ على قيمة المدخرات وتعظيم الاستثمارات للمصريين خلال المرحلة القادمة؟.
وكانت أسهم القطاع العقاري ارتفعت بفارق 100% مقارنة بباقي أسهم قطاعات البورصة وبخاصة بعد 30 يونيو، خلال 2014، بفضل نجاح أسهم مصر الجديده للإسكان والتعمير ومدينة نصر للإسكان والسادس من أكتوبر "سوديك" ومجموعة طلعت مصطفى القابضة فى تحقيق ارتفاعات قياسية، وهو ما عزاه خبراء إلى ارتفاع أسعار الأراضي، فالأسهم تعبر عن حالة الأصول.
وقفز سهم مدينة نصر للإسكان والتعمير، بنسبة كبيرة تصل إلى نحو 47%، مرتفعـًا من نحو 23 جنيهـًا إلى نحو 34، كما صعد سهم مصر الجديدة للإسكان والتعمير بنسبة 33.33% مرتفعـًا من نحو 51 جنيهـًا إلى 68.
كما صعد سهم طلعت مصطفى بنسبة 18% ليصل إلى نحو 11.80 جنيه مقابل نحو 10 جنيهات، كما ارتفع سهم بالم هيلز بنسبة 15% ليصل إلى 4.60 جنيه في الوقت الحالي مقابل نحو 4 جنيهات قبل أيام، وذلك قبل بدء أزمة الدولار.
في البداية، قال المهندس مختار الدهشوري رئيس شركة الصعيد العامة للمقاولات، إن شراء الدولار يعد مضاربة غير قانونية وغير مرغوبة والاستثمار في العقار والذهب أمر مشروع وممكن، مضيفًا أن شراء الدولار يؤثر على اقتصاد الدولة والجنيه المصري وأنه لا يشجع هذا الاتجاه، وإنما يجب أن يكون الاتجاه لمشروعات تنموية مباشرة لرفع الاقتصاد ونفع المواطنين، وشراء العقارات وبيعها مقبول في تلك الحالة كاستثمار مشروع.
وحول ما إذا كان التذبذب الذي يشهده الذهب وارتفاع الدولار دافعان للتحول للاستثمار العقاري، قال الدهشوري طول عمر العقارات قاطرة الاستثمار والإقبال عليه يساهم في تقدم الاقتصاد، لكن كي يشهد القطاع العقاري تطور ملحوظ لابد للبنوك من أن تضخ أموال للشركات الصغيرة والمتوسطة وتوقفت عن شراء أذون الخزانة وكانت مساهمتها في الاقتصاد أكثر فاعلية وكان هناك إقراض حقيقي للقطاع، سيكون هناك دافع حقيقي لازدهار الاقتصاد والاستثمار العقاري.
أكد المهندس صلاح حجاب الخبير العقاري، أن العقار سيظل عليه طلب طوال الوقت طبقًا لنوعيته ومكانه وأنه سيظل مخزنًا للقيمة مع الأخذ في الاعتبار أن فرق الجينه والدولار مازال بسيط، مشيرًا إلى أن المواطن المصري لازال من السهل عليه الاستثمار في العقار وهو الأقرب لديه دومًا لكنه لايدخل بعمق في الذهب، مشددًا أن الفترة القادمة ستشهد توجيه أي فوائض مالية ومدخرات للاستثمار في القطاع العقاري.
من جانبه أشار المستشار الاقتصادي أحمد خزيم، إلى أن توجه البنك المركزي المصري وسياسته النقدية لتعويم الجنيه بشكل جزئي ليصل لقيمته الفعلية إجراء له مزاياه وعيوبه، والمزايا، أنه يقلل من تآكل الاحتياطي القومي المصري من العملات الصعبة، ويعد عنصر من عناصر جذب الاستثمارات الأجنبية، أما العيوب، فيؤدي إلى تضخم وارتفاع في الأسعار ويؤدي إلى حالة متوالية من انخفاض قيمة الجنيه المصري لأنه لا يوجد أمامه على الجانب الأخر صناعات محلية لسد الفجوة بين الاستيراد والتصدير.
وتابع، الاقتصاد علم تقديري كلما حاولت لملمته من جانب وجدت مشكلة بأخر فلابد من إجراء عدة حسابات ومراجعات عند الإقبال على اتخاذ قرار ما حتى لا يتم معالجة شق وإفساد أخر، والتأثير العام سيء فعلى الرغم من اجتذاب استثمارات من الخارج سترتفع الأسعار، ولابد من السير في اتجاهين بالتوازي خلال نفس الوقت.
وأوضح أنه، من ضمن المنتجات التي سترتفع قيمتها سيكون العقار نتيجة التضخم، وأن الاستثمار في العقار يساهم في رفع الدولة ولكنها لا تنشئ جديد ولا تسبب مشروعاتها تنمية حقيقية، حيث يبقى التوسع العقاري في القاهرة والمحافظات القائمة ولا يتجه لإنشاء محافظات وقطاعات جديدة لتحقيق التنمية الحقيقية والمرجوة، ويفضل الكثيرون المكوث قرب أماكن العمل فحيز العمران في مصر منذ قامت بها الحضارة والدولة هي 8% من المساحة الكلية، إذا فمازال التوسع العمراني رأسي وليس أفقيًا وهو أحد الموارد التي نفقدها كما تم إهدار أموال كثيرة في الساحل الشمالي لقضاء مصيف أسبوعين كل عام بجانب مواد البناء التي تم استهلاكها خلال تلك المشاريع.
وأضاف: وبالتالي نتيجة أن تحاول الحكومة مخاطبة العالم بالاستثمار في مصر -وإن كان في ذلك الإجراء أمور صحيحة- فبه أخرى خاطئة والأساس أن لو تم تعويم الجنيه أمام العملة الأجنبية فلابد من تقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير، ومحاولة تقديم الدعم للصناعات المحلية لرفع الناتج القومي المصري، وقبل الاتجاه إلى هذه السياسة النقدية والتي يتم استهلاك قيمة الجنيه فيها كان من المفترض أن يتم إقامة صناعات متوسطة تعتمد في عمالتها على الشرائح القابعة تحت خط الفقر لتحصل على سيولة تتمكن من خلالها تنشيط السوق.
واستطرد، أن الاهتمام باستثمار الداخل لا يقل أهمية عن استثمار الخارج، وتتساوى الاستثمارات المصرية الوطنية تتساوى مع الاستثمارات الأجنبية بل وربما تكون أهم، وكان من الواجب أن يكون هناك مجموعة من الحزم لتحفيز الصناعات المصرية والتي تأتي في المقدمة على رأس الاستثمارات، والسوق المصري بطبعه سوق جاذب للاستثمار لطبيعته الاستهلاكية، والخلاصة أن في النهاية وبعد تراجع قيمة الجنيه المصري سيتم اللجوء لكل ما يحفظ الفارق في انهيار الجنيه سواء العقارات أو الذهب أو غيرهم وبالتالي سترتفع أسعار كل تلك السلع.
وحول ما إذا كان سيفضل صغار المستثمرين والمدخرين التوجه للعقارات نظرًا لتذبذب الذهب خلال المرحلة الأخيرة، قال خزيم إن صغار المستثمرين اليوم سيتجهون إلى الفرص التي لا تهلك قيمة مدخراتهم، وخاصة بالحديث عن أن الجنيه يشهد تراجعًا في قيمته، لو تم فتح النشاط الداخلي وتسهيل إجراءات اتمام المشروعات والاستثمارات مع تقليل التكلفة المباشرة من ضرائب وتأمينات ووقت مهدر سيتوجه إلى إلى تلك كثير من الأعمال المحلية صغار المستثمرين وسيتم ضخ المدخرات والفوائض بها، مشيرًا إلى أن السوق المحلي يمكنه أن يستوعب صناعات كثيرة جدًا في 13 محور لعمل حالة من تعويض القيمة المهدرة وعلى سبيل المثال منها الثروة الداجنة والتي تحقق 6 دورات خلال العام ويمكنها عمل قيمة ربحية صافية 40%، أو أنشطة أخرى كرعاية الماشية والدخول إلى الصناعات الغذائية، مؤكدًا أن ذلك يشترط اتخاذ بعض الإجراءات لحماية تلك الصناعات ووقف استيرادها من الخارج وتدعيمها بتوفير ما تتطلبه بأسعار مناسبة لتحقق منتج مصري خالص يفيد المستثمر الصغير والمواطن المصري، مضيفًا: بالنهاية نقول أن المستثمر الصغير بعد كل تلك المتغيرات سيلجأ للادخار في الأرض والعقارات والتي ستشهد ارتفاع في الأسعار نتيجة المضاربة عليها وهو ما قد يتبعها أزمة في الإسكان ويترتب عليه عدة مشاكل مجتمعية كالعنوسة.
من جهة أخرى، قال إيهاب سعيد محلل أسواق المال، إن القطاع العقاري كان من أبرز القطاعات التي ظهرت خلال عام 2014، حيث ارتفعت أسهم القطاع بفارق 100% مقارنة بباقي أسهم قطاعات البورصة وبخاصة بعد 30 يونيو، بفضل نجاح اسهم مصر الجديده للاسكان والتعمير ومدينة نصر للاسكان والسادس من أكتوبر "سوديك" ومجموعة طلعت مصطفى القابضة فى تحقيق ارتفاعات قياسية، وهو ما يرجع إلى ارتفاع أسعار الأراضي، فالأسهم تعبر عن حالة الأصول.
كما أعرب سعيد عن تفاؤله، بأداء مؤشرات البورصة ومواصلة الارتفاع خلال العام الجديد.
قال المحلل المالي محمود ياسين عبادي خبير أسواق المال، إن أضاف أن الشركات العقارية المدرجة في البورصة حققت أرباحـًا أعلى من التي حققتها العام السابق وعكس التحسن الذي حققه تعافي السوق العقارى المصرى بشكل عام والقطاعين الاستثمارى والسكني على وجه الخصوص.
تابع: القطاع العقاري المصري يعتبر من أنشط القطاعات العقارية بمنطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يتميز بالطلب المتزايد عليه نظرًا لتزايد السكان ومعدلات نموهم.
أضاف عبادي أن السوق العقاري بمصر شهد تقلبات عدة، وخاصة خلال السنوات الأخيرة بدءً من ثورة 25 يناير 2011 وحتى أحداث 30 يونيو 2013، موضحـًا أن السوق العقاري يعد من أقوى القطاعات التي يأمن فيها المستثمرون ضخ أموالهم واستثمارتهم، خاصة بعد تضارب أسعار الجنيه مقابل الدولار وعدم القدرة على التنبأ بسعر محدد له.
أكد أنه على الرغم من أن الوضع الحالي يلقي بظلال وشكوك عدة على هذا القطاع، إلا أنه لايزال من أهم القطاعات التي ينظر إليها المستثمرون بكثير من الأمل والإيجابية.
أشار إلى أنه وفق أحدث الإحصائيات، فإن هناك 35 مليون وحدة سكنية في مصر، كما أن قيمة ذلك القطاع تقدر بنحو 4 تريليونات دولار من إجمالي 27 تريليون دولار هي قيمة قطاع العقارات العربي، مضيفـًا أن المعروض السكني في مصر يقل عن الطلب الحقيقي بما يتراوح ما بين 700 ألف إلى مليون وحدة سكنية، لتحتل مصر المرتبة الأولى عربيـًا ويحتل بها القطاع العقاري صدارة السوق سواء على أرض الواقع أو داخل أروقة البورصة المصرية .
أضاف أن ارتفاع أسهم القطاع بدأ مع إعلان الحكومة عن إقرار تعديلات قانون حوافز الاستثمار، والتى شملت إمكانية التصالح بيع الدولة والمستثمرين فيما يتعلق بقضايا الفساد المالي، حيث أن أغلب شركات القطاع دخلت في أزمات قضائية مع الحكومة بعد ثورة 25 يناير، موضحـًا أن الحكومة أقرت أيضـًا خلال عام 2014 قانونـًا يمنع أى طرف ثالث من رفع دعاوى قضائية على العقود التى تبرمها الحكومة والشركات أو المستثمرين، وهو ما يفتح المجال أمام إنهاء القضايا المفتوحة للعديد من الشركات الكبرى في قطاع العقارات، كما أن شركات العقارات والإسكان المقيدة بالبورصة المصرية، تتميز بامتلاكها محافظ ضخمة من الأراضي ما يعنى أن تقييماتها العادلة أعلى بكثير مقارنة بأسعار أسهمها في البورصة.
أكد أن الاستحواذات التي تمت على شركات داخل القطاع تؤيد وجهة نظرنا بأهمية القطاع العقاري المصري والنظرة الإيجابية من كبري المؤسسات العالمية، حيث استحوذت مجموعة ريبلوود الأمريكية في مايو الماضي 2.3% من أسهم بالم هيلز، وكذلك شركة آبار للاستثمار تابعة لشركة الاستثمارات البترولية الدولية (آيبيك) المملوكة بالكامل لحكومة أبوظبي، وهو ما يعد مؤشر على جاذبية الشركات المصرية في ظل الأسعار الحالية.
لافت عبادي إلى أن أسعار الأسهم المصرية وخاصة أسهم العقارات أقل من قيمتها الحقيقية بكثير، خاصة وأن تلك الشركات تملك الكثير من الأصول الضخمة والمشروعات الكبرى ما يؤهلها لتكون بأسعار مضاعفة عن قيمتها الحالية .
قال إن استقرار الأوضاع يساعد على تدفق أموال جديدة سواء أكانت في شكل استثمار مباشر أو عن طريق الاستحواذات من خلال البورصة في شركات قائمة بالفعل، ولعل الخبر الأكثر تأثيرًا على أداء السوق المصري في الأيام الأخيرة .
كما عبر عبادي عن نظرته التفاؤلية خلال العام الحالي نتيجة الاستقرار الذي تشهده البلاد، مشيرًا إلى أن جميع المؤشرات تؤكد أنه بداية انفراجة عقارية واقتصادية للبلاد والمستثمرين، كما سيكون عام أسهم العقارات بالبورصة المصرية .
أوضح أن تراجع البورصات الخليجية يمثل عامل جذب استثمارى لمصر للاستثمار في الأراضي والعقارات المصرية إضافة إلى التوجه الحكومي لطرح الحكومة للأراضي والوحدات السكنية وتنفيذ المشروعات الجديدة والدعوة للمؤتمر الاقتصادي العالمى يوحى بأن الاستثمار سينهض خلال العام الجديد.
تابع: أن الحكومة تقدم تيسيرات ومبادرات للمستثمرين العقاريين، وحل مشكلات العديد منهم، لافتـًا إلى أن هذه الخطوات تصب في صالح زيادة الاستثمارات العقارية، فضلا عن انفتاح كبير بعد المؤتمر الاقتصادى العالمى والتسويق للمشروعات المصرية.