مرأة ومجتمع
شرف بلا شرف..
أليس أكثر ما يهتم به الشرقيون هو "الشرف"؟ أو هكذا هو ادعائهم؟
شرف العائلة.. شرفنا.. شرف الراجل.. عرضنا.. حتى القسم لم يسلم من شرفنا.. بشرفك وبشرفي وبشرف أمي.. إلخ..
ولكن آسفة أذكركم أنكم مجتمع غير شريف..
برئ الشرف منكم.. فشرفكم بلا شرف..
في مجتمعنا أن يعيش الرجل وحده.. يسمى عازب.. وحيد.. مستقل.. وأن تعيش فتاة وحدها تسمى "سايبة" "أخلاقها مش ولابد"، "صايعة" وبالطبع وجودها وحدها يثير كل الشبهات العادية منها والتي ترقى لرمي المحصنات!
الرجل الحر المستقل الذي يسافر ويخرج ويستمتع بحياته دون قيود.. "شريف".. أما المرأة التي تفعل ذلك فهي "دايرة على حل شعرها" ونكلت بشرف العائلة!
حسنا هذا من دواعي شرفكم.. أليس كذلك؟
ولم لا تسألوا أبناءكم الذكور ممن أعطيتموهم البطاقات الخضراء ليتمتعوا بالاستقلالية والحرية عن كم الذنوب التي اقترفوها.. بل اسألوهم عن الذنوب التي لم يقترفوها؟ .. اسألوا أبناءكم الذكور عن شرفهم! أم أنهم معصومون من الشرف؟
فكم منهم لم يكن لهم علاقة جنسية اختيارا أو صدفة.. على سبيل التجربة أو العادة.. إصرارا أو غفلة؟؟ وكم عائلة علمت بذلك ولم تحرك ساكنا؟ وكم شخص يسمع عن ذلك ولا يغير من أسلوب تربيته لأولاده.. فلا يتغير ولا يغير ولا يرفض بل يزيد من شكه في النساء وقيوده عليهن؟؟ وكم منكم يعلم ويدعي أنه لا يعلم؟ وكم منكم يتباهى بما يفعله أولاده.. ويتباهى بتباهي أولاده بذنوبهم التي تغذي الذكورية الزائفة؟
شرفاء جدا فعلاً؟ أليس كذلك؟
حسنًا اسألوا القانون الذي وبرغم تغير الأزمنة.. الدساتير والحكام ورغم مخالفته الشريعة الإسلامية - التي يثور المجتمع من أجل بقائها في الدستور- مازال يميز ضد المرأة بسبب "الشرف".. فإذا فاجأ زوج زوجته وهي في وضع الزنا وقتلها مع عشيقها لا يُعاقبه القانون إلا بالحبس أو ربما يعفى عنه لأنه كان يدافع عن شرفه.. وذلك بنص المادة 237 والتي تنص "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هي ومن يزني بها يعُاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة فى المادتين 234 و236"، وهي المواد التي تنص على عقوبات القتل المختلفة والتي لا تنفذ في هذه الحالة فقط! من أجل عيون "الشرف"!
وماذا عن المرأة التي تتفاجأ بزوجها يزني ولو في غرفة نوم بيت الزوجية وقتلته؟ ستُحاكم وقد تُعدم.. عادي فليس للمرأة في مجتمعنا شرف أو كرامة أو حقوق! فزنا الرجل في هذا المجتمع لا يمس شرفنا بسوء.. أما شرف المرأة لا يخصها بل يخص الرجل الذي ليس له شرف أصلاً!
هل تعلم عزيزي كم جريمة تُرتكب في كل المجتمعات الشرقية باسم "الشرف"! وكم ضحية مظلومة ضاعت حياتها بسبب ما تسمونه "شرف"؟ هل تعلم أن معظم هذه الجرائم لا تحدث لثبوت تهمة ما على الفتاة ولكن لمجرد الشك فيها أو انتشار شائعات حول شرفها؟ فهناك من قتل ابنته لأنه ضبطها تتحدث ليلاً مع جارها في التليفون!
كل ذلك يحدث ومازال رجالكم يجوبون الشوارع بحثا عن عاهرة في سلام من نقدكم.. سخطكم.. عقابكم.. رفضكم أو حتى عقاب من قانونكم! فالقانون حتى لو ضبطه متلبسًا في بيت دعارة.. يطلق عليه "راغب متعة" يقبض عليه ليأخذ شهادته ضد العاهرة ثم يطلق سراحه ليعاقب العاهرة على جريمتها! التي لاحقا سيكون لها سجل في مباحث الآداب.. أما الرجل فإن لم يكن قوادا أو مديرا لنشاط الدعارة فيسلم من العقاب!
شرفاء جدا أليس كذلك؟
وهذا الرجل الذي قضى أيام شبابه عربدة وفجور ستسمونه "زير نساء".. "مدقدق" .. ووقت زواجه ستقولون كانت "أيام شقاوة" وهيعقل! أما الفتاة التي يتم اغتصابها تفقد شرفها في نظركم.. ومن أخطأت مع من تحب حتى ولو مرة واحدة تصبح عنوانا للنجاسة التي تتوضأون منها!
حسنا ماذا عن بناتكم المتزوجات؟ هل تشكت لكم يومًا من صمتها في خيانة زوجها ونصحها أحدكم بأن تغفر له وألا تخرب المنزل؟ أو نصحها أن تصبر حتى "يلف يلف ويرجع لها"؟ أو يتهمها أحدكم بخراب البيت لأنها رفضت الاستمرار! خيانته لم تكن إلا نزوة لا تمس بالشرف! أليس كذلك؟
شرفاء أوي حضراتكم .. مش كده؟
وهل لي أن أسألكم في نفس الوقت لماذا تعاطفتم مع رجل طلق زوجته لأنها خانته؟ أو واعدت صديقًا؟ أو أحبت وهي على ذمته؟ لا أنتظر منكم إجابة.. فإجاباتكم كلها مشبوهة ومشوهة! ولكن هل لي أن أذكركم بلعناتكم على صنف الحريم "النجس" وقتها لأن الرجل المسكين لا يعيبه إلا جيبه؟!
عن أي شرف تتحدثون؟
شرف كل منا ملك له.. يخصه.. ولا ينكل بشرفك إلا سلوكك.. فلا تواري نجاستك خلف شرف نسائك اللاتي يعشن يدفعن ثمن جرائم وذنوب لم يفكرن في اقترافها! بل دائمًا ما يدفعن ثمن أخطاء وحرية الرجال!
الشرف مبدأ لا يتجزأ ولا يزدوج .. الشرف فضيلة لوثتها ثقافتكم!
الشرف لديكم ملوث.. مهان.. مزيف..
الشرف عندكم كارت لا يخرج إلا ليغذي انحيازكم لظلم.. أو لفاحشة حلال لجنس دون الآخر..
لا يحدثني أحد عن الشرف.. فشرفكم أنتم بلا شرف !