تجارة وصناعة
مدحت يوسف: الانفلات الأمني وراء ازمة الغاز التي ضربت البلاد مؤخرا
أكد الخبير البترولي مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا ان خطط تنمية الاكتشافات البترولية الغازية الكبيرة بمناطق شمال الاسكندرية وغرب الدلتا العميق بالمياه العميقة تاثرت من جراء الغياب الأمني خلال الفترة السابقة فضلا عن تراكم مستحقات الشركاء الأجانب لدي الدولة نتيجة شراء الدولة لكامل حصص الشركاء الأجانب خصوصا من الغاز الطبيعى للوفاء باحتياجات محطات توليد الطاقة لتغطية الاحتياجات المحلية.
وأضاف الخبير البترولي أن تلك المستحقات ترجع من واقع الالتزامات التعاقدية عند طرح مناطق امتياز للبحث والتنقيب على البترول الخام او الغاز الطبيعى والتى تقع كافة مخاطر الاستثمار على المستثمر الأجنبي وحده دون مشاركة من الجانب المصرى.
وأشار الي انه عند ثبوت الاكتشاف التجاري يتم استرداد الشريك الأجنبي لاستثماراته خلال فترة البحث والاستكشاف من خلال حصة بنسبة من الانتاج لا تزيد عن ١٥٪ من الانتاج اليومى لاسترداد التكاليف والباقى من الانتاج يتم اقتسامها بين الدولة ممثلة فى هيئة البترول او إيجاس او جنوب الوادي بنسب حسب ما اذا كانت المنطقة واعدة او نائية .
وقال يوسف " اذا كانت واعدة تصل النسب ما بين ٧٠-٧٥ ٪ للدولة واذا كانت فى مناطق نائية تصل الى ٥٠ ٪ فقط ،،وتلك النسب من حصة الشريك الأجنبي تمثل قيمة المديونية المستحقة للشركاء الأجانب ".
وأوضح " تراجعت خطط التنمية التوسعية للحقول المكتشفة للشركات المشتركة بين الدولة والشركاء الأجانب وكذا ربط الاكتشافات الغازية الكبرى فى المياة العميقة بالبحر المتوسط على مسالة الديون المتعاظمة علي الدولة واستند الشركاء الأجانب فى ذلك على عدم قدرتهم على اجتذاب التمويل الاستثماري المطلوب للتنمية من البنوك الاجنبية على تراجع التصنيف الائتماني لمصر وهيئة البترول لعدم قدرتها على سداد متاخرات الشركاء الأجانب وبالتالى انحصرت عمليات التنمية بشكل حدي انعكس على الدولة بانخفاض فى انتاج الغاز الطبيعى والزيت الخام انعكس من ناحية اخري على انخفاض فى تغذية بعض محطات التوليد وكذا انخفاض جزئي للصناعات المرتبطة بالغاز الطبيعى كمادة أولية او كوقود حريق كما يحدث حاليا لمصانع الحديد والصلب والإسمنت وسماد اليوريا".
وقال " لا شك فى جدوى مشروع ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس على اعتبار ان تشغيله اقتصادي دون الحاجة الى إثبات ، حيث يعتمد على الحفر سواء باستخدام المعدات الثقيلة او الوسائل الميكانيكية المعروفة والعامل البشري هو الاساس فى تلك المنظومة من العمل اما العائد فهو مؤكد ولا يعتمد فى تكاليفه سواء الاستثمارية او التشغيلية الا على مواردنا الذاتية ولا حاجة لاستيراد مكونات من الخارج بتقنيات عالية لإنجاز المشروع".
وأضاف الخبير البترولي أنه فيما يتعلق بمشروعات محور قناة السويس خصوصا لمشروعات الصناعة البتروكيماوية وصناعة تكرير البترول وشركات خدمات تموين السفن بالوقود فإنها ترتبط ببنية تحتية يجب توافرها لإنجاح تلك المشروعات اما عن احتياجات البنية التحتية من الموارد المحلية مثل شق الطرق وشبكات الصرف الصناعى والصحى علاوة على الموارد البشرية سواء التخصصية او العادية فتلك متوافرة دون أعباء على الدولة او الاستثمار .
وأوضح يوسف ان المشاكل التى ستواجهها مشروعات محور قناة السويس ترتبط فى المقام الاول على مصادر الطاقة المطلوبة لتلك المشروعات وهى الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعى وزيت البترول الخام والمياة وجميعها تعانى مصر حاليا ومستقبلا من عدم توافرها محليا وحتى بعد الأربع سنوات المطلوبة لاسترجاع مشروعات الغاز الطبيعى التى توقفت نتيجة الغياب الآمنى عن مناطق انتاج الغاز خصوصا فى شمال البلاد .
وأشار الي ان هذه المشروعات بالكاد قد تكفى احتياجات محطات التوليد الكهربائية التى تحقق اكتفاء ذاتى للبلاد دون انقطاعات كما هو الحادث حاليا ، مع الأخذ فى الاعتبار باستمرار الاعتماد على المازوت كاحد مصادر الطاقة المولدة للكهرباء وهذا يعنى بالتأكيد عدم توافر كميات من الغاز تكفى مشروعات تنموية كبرى جديدة كما المطلوب لمشروعات محور القناة موضوعنا.
وأكد علي أن الاعتماد على استيراد الغاز الطبيعى هو الحل الأوحد من خلال اتفاقيات طويلة الأجل وملزمة على الأطراف المتعاقدة لضمان توريدات منتظمة بصفة دورية تغطى الاحتياجات.
وقال " رؤيتنا لإقامة مشروعات بتروكيماوية تعتمد على اسعار الغاز المستوردة لن تكون ذات جدوى ولن نجد المستثمر الذي يعتمد على مصادر خارجية لإقامة صناعات بتروكيماوية داخل الاراضي المصرية ، ومصر لديها تجارب حقيقية لفشل مشروعات البتروكيماويات المرتبطة بشراء موادها الخام بأسعار عالمية ( البروبلين / البولى بروبلين- البولي استيرين ،.... الخ)
وأضاف " هنا يجب النظر والتدقيق فى اختيارات الصناعة البتروكيماوية لتكون استكمال لصناعات أساسية مقامه بجوار مصادر الطاقة خارج مصر لتستكمل مراحلها النهائية داخل مشروعات المحور كنقطة ارتكاز للتسويق من خلال الموقع المميز لمحور القناة".
كما أكد علي أن صناعات الأسمدة والحديد والصلب وخلافة كثيفة استهلاك الطاقة لن تجد لها مكان فى مشروعات محور قناة السويس على اعتبار انها صناعات ترتبط بأسعار منخفضة للغاية للغاز الطبيعى أسوة بالواقع الحالى الذي تشهده مصر مشيرا الي أنه بعد التحرير الجزئى للدعم ارتفع سعر الغاز المغذي لصناعة الأسمدة الى ٥ دولار/ مليون وحدة حرارية بريطانية وهذا السعر ما زال يشكل هامش ربح لصناعة سماد اليوريا يصل ما بين ٤- ٤،٥ دولار للمليون وحدة حرارية وهذا يمثل دعم ظاهري لتلك الصناعة اذا ما قورن السعر بسعر استيراد الغاز الطبيعى والذي بلغ ما يعادل ١٨- ١٩ دولار / مليون وحدة .
وأوضح انه اذا اجبر المستثمر علي توفير الغاز بمعرفته بالاستيراد من الخارج فهذا يعني خسارة مباشرة تصل الى ٩- ١٠ دولار لكل مليون وحدة وبالتالى لا معنى للاستثمار فى هذا المجال على الإطلاق مضيفا انه مؤخراً لوحظ تأثر الموقف المالى للعديد من شركات انتاج الأسمدة بغرض التصدير للخارج ( اليوريا) بالرفع الجزئي للغاز الطبيعى والذي لن يقف عند تلك الحدود بعد لجوء الدولة لاستيراد الغاز من الخارج .
وأضاف الخبير البترولي أن الصناعات الواعدة لتلك المواقع الاستراتيجية الهامة بعيدا عن مصادر الطاقة كمحور قناه السويس لها طبيعة خاصة مثل الاعتماد على العمالة البشرية الكثيفة الرخيصة ومؤخراً اصبح العامل المصري يتصف بمغالاته واللجوء الى الإضرابات للحصول على المزيد من المزايا مما اضعف كثيرا الرغبة لدى العديد من المستثمرين فى اللجوء لتلك النوعيات من العمالة فى مصر ،، فى ظل المزايا التى يتمتع بها عمال جنوب شرق اسيا.
وأكد ان الطاقة الكهربائية اللازمة لمشروعات محور قناة السويس ستعتمد فى المقام الاول على الطاقة الشمسية جنبا الى جنب مع الطاقة الحرارية والطاقة البديلة الاخري والسؤال الذى يطرح نفسة هل ستقوم الحكومة المصرية بتقديم التزامات توفيرها لتلك الصناعات الخاصة بمشروعات محور قناة السويس كالسابق ودون تحقيقها ، ام سيقع الالتزام على عاتق تلك الصناعات من الخارج وبالتالى ما الجدوى من الاستثمار بمشروعات المحور..
وأشار الي أن توفير المياة العذبة سواء بتحلية مياة البحر او الآبار ستؤدى الى تعظيم التكاليف على المستثمرين فمصر تعانى مشاكل كبيرة لتوفير المياة للشعب المصرى ولا أمل فى تحويل مياة النيل لتغذي مشروعات قناة السويس.
واختتم الخبير البترولي حديثه قائلا " اخيراً نأمل من السادة القائمين على دراسات مشروعات محور قناة السويس إفادتنا باستراتيجية توفير مصادر الطاقة سواء من الموارد المحلية او بالاستيراد مع بيان جدوى المشروعات على ضوء ذلك".