أهم الأراء
العودة لما لا فكاك منه
منهم لله!، حبسوا الأمة كلها فى قمقم الخوف والعنف والفوضى، وشغلوها بما يفترض أنها انتهت منه منذ قرون، وأعنى به العلاقة بين شأن الدين وشؤون الدنيا، وجرجرونا إلى أن نحاصر أنفسنا ونحصر أقلامنا فى مساحة بائسة لا تقل بؤسا عن وجوههم الجهمة الكالحة، وصرنا مثل فرقة عزف لا تُجيد إلا سطرًا من نوتة بدائية، وأصابنا الملل والكلل من مطالعة ابن حنبل وابن تيمية وابن قيم الجوزية والبنا وقطب والألبانى والمودودى والآخرين المحدثين الذين خدعنا أنفسنا بهم وابتلعنا طعم أنهم مجددون يريدون خير الدنيا من باب التجديد الدينى فى الإسلام ثم تبين أنهم.. استغفر الله العظيم. لقد تركنا التفكير والتخطيط لمستقبل أفضل لبناتنا كى يستكمل الوطن مسيرة هدى شعراوى وسيزا نبراوى وحكمت أبو زيد وعائشة عبد الرحمن وسهير القلماوى وسميرة موسى وعائشة راتب ورتيبة الحفنى وزينب عصمت راشد - أستاذتى الجليلة التى درستنى تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر- وعشرات بل مئات وألوف من الرائدات ومن أجيال نسائية نبغت وأثبتت جدارتها فى العلوم والآداب والفنون... وجعلونا ننشغل بالرد عليهم فى أمور لا تتجاوز النصف الأسفل من المجتمع من قبيل ختان الإناث، وزواج القاصرات فى سن الثامنة والتاسعة، وشعر المرأة وكفيها وصوتها، وغطاء رأسها والفرق بين الخمار والحجاب والنقاب وأيها شرعى وأيها غير شرعى، وما حكم الشرع لو أن الطرحة فيها خيط ملون على أطرافها، أو أن الحذاء على هيئة صندل؟! وتركنا التفكير والتخطيط لمواجهة هجوم البحر من الشمال، والصحراء من الغرب والشرق، والسدود الأفريقية من الجنوب، وكما نستكمل مسيرة الرواد والآباء الذين سيطروا على النهر منذ القناطر الخيرية وسد أسوان والسد العالى والرياحات والترع الكبيرة ومديرية التحرير والوادى الجديد ومحطة أنشاص النووية وغيرها بعد أن شغلونا بمواجهة جرائمهم تجاه حق المصريين فى المواطنة الكاملة وحقوقها غير المنقوصة، بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية ومعتقداتهم الدينية وجرائمهم فى إلغاء كل مقومات الوطنية المصرية لحساب خرافة الخلافة وأستاذية العالم والأممية الإخوانية! ثم تركنا السعى العملى والذهنى لترميم الخروقات التى أصابت جهاز مناعتنا الوطنية وأمننا القومى وعلاقاتنا العربية والأفريقية بعد أن ضاعفوا سعيهم لتدمير أمن مصر، خاصة فى جبهته الشمالية الشرقية، ليشغلونا بالمدعو هنية والمدعو الزهار وغيرهما من مشايخ منسر عصابة حماس التى احترفت سرقة البنزين والسولار والسيارات وكل ما يمكن السطو عليه وتهريبه لتصبح نسبة عدد المليونيرات فى غزة لعدد السكان من أعلى النسب فى العالم، بينما شعب غزة الفلسطينى يعانى الجوع والبطالة! نعم.. منهم لله.. وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم أولئك الذين يشوّهون الإسلام عقيدة وشريعة، ويمسخون الوطنية وينتهكون القيم الإنسانية ويدمرون تاريخ وطن تراكم عبر مئات القرون وكان أول من أهدى البشرية فجر ضميرها، وأول من اهتدى لوجود الخالق ولوجود حياة أخرى ولوجود حساب فيه ثواب وفيه عقاب، وأول من أقام دولة مركزية تسيطر على النهر وتوزع ماءه بالعدل وتحمى الواحة الكبرى من مداهمات الرعاة خاصة من الشرق! لقد طال المدى بيننا وبين أن نهتم بما يجب ويتعين الاهتمام به.. وآن الأوان لنعود إلى الحديث عن مكنونات وجداننا الوطنى والقومى والإنسانى، وعن تاريخنا بمحطاته الرئيسية وتفاصيله المذهلة، بحلوها ومرها، ونتجه إلى تأمل عبقرية شعبنا العظيم فى تضفير رمزيات فلسفة وجوده وربطها ببعضها البعض من القديم إلى الوسيط إلى الحديث! منهم لله.. وحسبنا الله ونعم الوكيل أولئك الذين يفرقون الوطن شيعا وفرقا ومذاهب وطوائف ويفتكون بحضارته وثقافته، وكان أن أجبر البعض على أن يعيد النظر فى كثير من الأمور. [email protected]