أهم الأراء
الروس القادمون «1»: «لا معنى لروسيا بدون إمبراطورية»
(1) بعد سلسلة حلقات «دليل المواطن المصرى للدستور العصرى» (سبع حلقات) وما لاقته من اهتمام ومتابعة من كثيرين وإعادة نشر فى أكثر من موقع- كنت أنوى الكتابة عن «اليسار الدينى فى مصر»، استكمالا للسؤال الذى طرحه الدكتور حسن حنفى فى «المصرى اليوم» منذ أسبوعين: «لماذا فشل اليسار الإسلامى؟». (2) ولم أكن أخطط للكتابة عن روسيا الآن، ولكنها كانت حاضرة دوما لفهم تجربة «تحولها» السياسى عقب «زلزال» تفكيك الاتحاد السوفيتى.. لذا، وفى إطار اهتمامى بالدراسة المقارنة «لتحولات» الدول، ومسؤوليتى عن مشروع بحثى عن التحول الديمقراطى (وقد درسنا فى هذه المساحة تجربتى: تركيا فى أكتوبر2011 وإسبانيا نوفمبر 2012)، كانت روسيا إحدى أهم الدول التى أنوى دراستها.. وبالفعل قمت كما هى عادتى فى الاستعداد لهكذا جهد بتأمين المصادر المطلوبة.. وتأجلت الكتابة أكثر من مرة.. ولكن التفكير والقراءة والنقاش لم يتوقف حول روسيا، حتى كان صباح السبت الماضى، عندما دار حديث مطول مع صديق عمرى وأستاذى نبيل مرقص، أحد المثقفين المصريين الكبار والخبير التنموى الرائد، حول روسيا بمناسبة مقال هام منشور عن السياسة الخارجية الروسية فى الملحق العربى للوموند ديبلوماتيك، فقررت أن أكتب عن روسيا، خاصة مع قدوم وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين إلى مصر بعد انقطاع وقطيعة عن مصر منذ زمن 99 % من أوراق اللعبة فى أيدى أمريكا. (3) ولا أظننى، قد بعدت عن الموضوعات التى طرحتها فى المقدمة.. فكلها تصب فى محاولة فهم أحوالنا من خلال تأمل ودراسة تجارب الآخرين علها تفيد. وبالفعل خططت أن أكتب سلسلة مقالات بعنوان: «الروس القادمون»، ليس فقط لأن وفدا رفيع المستوى سيزور مصر ولكن لأن الروس قد أصبحوا رقما فاعلا فى المعادلات «الأوراسية» ( نسبة لأوروبا وروسيا) و«الإقليمية العربية» والدولية «على المستويين الاقتصادى والسياسى، لقد باتوا قادمين بالفعل وحاضرين بقوة وقوة لا يمكن «غض البصر عنها»، ومن ثم يجب تعظيم هذه الزيارة، وفهم طبيعة روسيا القادمة الجديدة / القديمة. (4) قادمة/ جديدة، لماذا نكرر هذه العبارة؟.. ذلك لأن فهم تاريخ روسيا يشير إلى أنها على مدى تاريخها كانت تسلك سلوكا يتجاوز سلوك الدول ذات الطموحات المحدودة، فقدر رسيا التاريخى فرض عليها أن تكون دوما متجاوزة حدودها وتلعب دورا «عابرا للقارات»، فمساحة روسيا تبلغ 17 مليون كلم2، وهى الأكبر على الإطلاق، أكبر بنحو ضعفين من أكبر ثلاث دول فى العالم، وهى الولايات المتحدة، وكندا، والصين، حيث مساحة كل منها أقل من 10 ملايين كلم2، وتنفرد روسيا بين سائر الدول بكونها موزعة بين قارتين هما: آسيا وأوروبا، لذا توصف دوما بأنها «أوراسيا».. بالإضافة إلى ذلك حجم ثرواتها الطبيعية الكبير. وأخيرا «الشعب» الروسى الذى يعتبر بحسب الاستراتيجيين الروس: «مركز التصور الجيوبوليتيكي» أو اللاعب الكبير فى دعم روسيا العظمى إذا ما توفرت الإرادة السياسية والرؤية المركبة الاستراتيجية، خاصة أن المقولة السائدة فى الوجدان والذاكرة الروسية من جهة، وعنوان المستقبل أنه: «لا معنى لروسيا بدون إمبراطورية».. ونتابع..