بنوك وتامين
هجوم على رفع أسعار الفائدة
أكد خبراء مصرفيون أن قرار البنك المركزى زيادة أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض يستهدف بشكل أساسى محاربة وكبح التضخم الذي ارتفع إلى 10%، فيما انتقده خبراء، وقالوا إنه سيساهم في موجة من الغلاء وتباطؤ الاستثمار والاقتصاد. ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية، الخميس، في محاولة فيما يبدو لكبح ضغوط التضخم، بعد أقل من أسبوعين من خفض الحكومة دعم الوقود والكهرباء، وقال منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة، إن قرار البنك «متوقع وإنه إجراء طبيعى لمواجهة حالة التضخم المتوقعة نتيجة ارتفاع بعض أسعار السلع». وقال الوزير، في تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»: «بالتأكيد القرار سيكون له أثر سلبى على تكلفة الاقتراض وخدمة الدَّيْن العام في موازنة الدولة باعتبار الحكومة أكبر مقترض، وسيؤثر على تكلفة الاقتراض للقطاع الخاص سواء التجارى أو الصناعى أو السياحى، إلا أنه كان ضرورياً لاستيعاب آثار حالة التضخم المتوقعة». وتعتبر زيادة أسعار الفائدة هي الأولى من نوعها منذ قرار لجنة السياسات النقدية، في مارس 2013 رفع أسعار فائدة الإيداع والإقراض بواقع 0.5%، ثم شهدت أسعار الفائدة تراجعاً 3 مرات متتالية خلال العام الماضى حتى استقرت عند 8.25%. وأضاف «عبدالنور» أن مشكلة القطاع الصناعى بالأساس في توفير القروض له أكثر من تكلفة القرض نفسه، والوزارة تسعى مع البنوك لتوفير وزيادة التمويل المتاح لخدمة القطاع الصناعى لتحقيق معدلات النمو والاستثمار المستهدفة خلال المرحلة المقبلة. من جانبه، انتقد محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، القرار، واعتبره طاردا للاستثمارات، وسيؤثر سلباً على خطة الحكومة لجذب استثمارات من القطاع الخاص لتحقيق معدلات النمو المستهدفة، لأن الصناعة في ظل الظروف الحالية لا تستطيع تحمل أعباء إضافية بزيادة تكلفة الاقتراض، خاصة أنها الأعلى مقارنة بدول العالم أو المنطقة العربية. وقال إن هذا القرار قد يؤدى إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في مصر واتجاههم للدول الأخرى مثل المغرب والجزائر، خاصة أن البنوك غير متعاونة حالياً مع القطاع الصناعى، ولا توفر احتياجاته لتنفيذ المشروعات الصناعية. وتابع أن رفع الفائدة على الإيداع يشجع المواطنين على وضع أموالهم في البنوك بدلاً من ضخها في مشروعات استثمارية تخدم الوطن وتوفر فرص عمل للشباب. وتسعى الحكومة في الخطة الاستثمارية للعام المالى 2014-2015 إلى ضخ استثمارات بقيمة 337 مليار جنيه للقطاع الخاص منها ما نسبته 61% لتحقيق معدل نمو يصل إلى 3.2% بدلاً من 2% خلال العام الحالى. من جانبه، أكد هشام عزالعرب، رئيس اتحاد البنوك، أن لجنة السياسات النقدية التابعة للبنك المركزى اتخذت القرار، بعد دراسة متأنية، وقال، لـ«المصرى اليوم»، إن القرار من شأنه كبح جماح التضخم خلال الفترة المقبلة. وقالت هناء الهلالى، القائم بأعمال الأمين العام للصندوق الاجتماعى، إنها ستدرس خلال الأيام القليلة المقبلة أثر زيادة أسعار الفائدة على أسعار الإقراض المقدم من الصندوق الاجتماعى للتنمية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث ستلتقى عدداً من قيادات البنوك لتحديد مدى أهمية زيادة أسعار الفائدة على هذه المشروعات أم لا خلال الفترة المقبلة. وقالت إن 90% من عمليات إقراض الصندوق تتم من خلال البنوك والجمعيات الأهلية، فيما يقرض الصندوق 10% فقط من إجمالى تلك العمليات بسعر فائدة متناقص يصل لـ10%، وأشارت إلى أن القرار إيجابى للمودعين، وطالبت المقترضين والمستثمرين بتفهم الزيادة واستيعابها. وحقق الاقتصاد نمواً صغيراً نسبياً بلغ 1.2% في النصف الأول من السنة المالية 2013- 2014. ويأتى رفع الفائدة مفاجأة للمحللين، حيث أجمع 5 خبراء اقتصاديين شملهم استطلاع أجرته وكالة رويترز للأنباء على القول إنهم يتوقعون أن يبقى البنك المركزى أسعار الفائدة مستقرة، وقال محمد أبوباشا، الخبير الاقتصادى في المجموعة المالية- هيرميس، والذى شارك في الاستطلاع، إن «التكليف الرئيسى المنوط بالبنك المركزى هو استقرار الأسعار، ولهذا فإنهم على الأرجح سعوا إلى ذلك». وتراجع التضخم في مصر بشكل تدريجى، بعد أن سجل أعلى مستوى في 4 أعوام، ومن المتوقع أن يرتفع الشهر المقبل، بعد أن أدى خفض دعم الطاقة إلى زيادات حادة في أسعار الوقود. وقال محللون إن معدل التضخم السنوى لأسعار المستهلكين في المدن استقر عند 8.2% في يونيو، لكن من المتوقع أن يرتفع إلى خانة العشرات على مدى الأشهر المقبلة بسبب زيادات أسعار الوقود. وقال «أبوباشا» إن ذلك سيشكل صدمة أسعار للاقتصاد، لأنه تضخم لا يحركه الطلب. وقال مسؤولون إنه رغم المساعدات التي قدمتها دول الخليج لمصر على مدى العام الماضى، فإن الاقتصاد يتعافى ببطء وتتراوح توقعات النمو لهذا العام بين 2% و2.5%. وقال جيسون توفى، الخبير الاقتصادى لدى «كابيتال إيكونوميكس»، إن «الاستثمارات التي تنتظر منذ بضع سنوات ربما تتباطأ الآن عما تريده الحكومة، حيث ستظل تتعافى، لكن التكلفة المرتفعة للتمويل تعنى أنها لن تتعافى بالسرعة التي كنا نأملها في السابق». في الشأن نفسه، قالت شبكة «بلومبرج» الإخبارية إن قرار البنك المركزى رفع أسعار الفائدة الأساسية، والذى يجىء بعد أقل من أسبوعين من خفض الحكومة دعم الطاقة لن يجدى في كبح جماح التضخم.